مشاورات تطاوين

Gafsa: Consultations on Transforming Natural Resources into an Engine of Development

Tataouine Consultations

Dark Light

مشاورات تطاوين

نحن نرى كل يوم شاحنات نقل المحروقات الخام تمرّ من هذا الطريق إلا أن وضعيتنا الاجتماعية لم تتغيرّ. فالفقر والبطالة وغياب التنمية هي الحدث الوحيد المؤكد في هاته المنطقة.”

مواطن من الجنوب

الإطار العام

لم يكن اعتصام الكامور وهو نقطة العبور الرئيسية نحو حقول البترول بالجنوب التونسي حدثا عاديا، فهو الاعتصام الذي دام أكثر من أربعة أشهر من أفريل 2017 إلى أوت 2017، ولأول مرة تصل هذه الاحتجاجات إلى عمق الصحراء التونسية ويتم فيها إغلاق عدة مضخات للنفط. انطلقت هذه الاحتجاجات من معتمدية بير الأحمر لتشمل كامل ولاية تطاوين وتمتد لاحقا إلى ولاية قبلي. وأثرت هذه الاحتجاجات بشكل كبير على مستوى إنتاج المحروقات الذي تراجع تقريبا إلى النصف من 46 ألف برميل يوميا في جانفي 2017 إلى 23 ألف برميل يوميا في أوت 2017.

لم تعرف تطاوين سابقا احتجاجات بهذا الحجم، فقد شارك فيها مئات الشباب من مستويات علمية مختلفة ولم تقتصر فقط على خريجي التعليم العالي، كما عرفت إصرار كبيرا من طرف المحتجين على تحقيق المطالب في التنمية والتشغيل وكذلك كشف حقيقة حجم الثروات الطبيعية. فهذه الاحتجاجات التي كانت عفوية في البداية وبدأها عشرات الأشخاص سرعان ما تطورت وشارك فيها المئات حيث بلغ عدد الخيام المنصوبة في الكامور 80 خيمة[1].

ولاية تطاوين التي توجد بها أكبر الحقول النفطية في تونس كالبرمة وآدم والشروق وحقل نوارة الذي سيدخل الإنتاج قريبا[2] والذي من المتوقع أن يكون أكبر حقل غازي في تونس، بقيت مؤشرات التنمية فيها ضعيفة.  فنسبة البطالة تبلغ 32%، وهي تتجاوز ضعف نسبة البطالة على المستوى الوطني التي تناهز 15%، أما نسبة الفقر فتقدر بـ 15%. وتحتلّ تطاوين المرتبة 12 في مؤشر التنمية الجهوية لسنة 2018 والمرتبة 20 في مؤشر جاذبية الجهات للاستثمار لسنة 2015[3].

ورغم وجود برنامج للمسؤولية المجتمعية الذي انخرطت فيه 4 شركات نفطية وطنية وأجنبية منذ 2016 (ETAP–WINSTAR-PERENCO– MAZARINE) وخصصت له 11.6 مليون دينار لدفع التنمية في ولاية تطاوين[4] والذي تسيره المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية فإن هذا البرنامج لم يحقق الأهداف المرجوة ولم يساهم في الحد من حالة الاحتقان. فرغم أهمية المبلغ المرصود فإن إشكاليات عديدة مازالت مطروحة تتعلق بحوكمته وكذلك بقدرته على إحداث مواطن الشغل. فحسب التقارير الصادرة فإن البرنامج لم يحدث إلا 700 موطن شغل، كما أنه لا يتدخل إلا بـنسبة 25 % لتمويل المشاريع عبر بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة كما أن العديد من شباب المنطقة ليس لديهم اطلاع حول محتوى هذا البرنامج وآلياته.

دام الاعتصام 4 أشهر تكبدت الدولة خلاله خسائر كبيرة بلغت حسب تصريح وزير التشغيل آنذاك 400 مليون دينار[5]، ورغم صدور أمر رئاسي في جويلية 2017 يعلن مواقع الإنتاج والمنشآت الحساسة والحيوية، والفضاءات المحيطة بها، مناطق عسكرية محجرة[6] فقد تواصل الاعتصام حتى استجابت الحكومة بعد مفاوضات طويلة للعديد من مطالب المحتجين. وأمضت اتفاقية معهم في 26 أوت 2017 تم بمقتضاها الاتفاق على انتداب 3000 شخص من الولاية في شركة البيئة والغراسة والبستنة (1500 في 2017 و1000 في 2018 و500 في 2019) وانتداب 1500 شخص في شركات الإنتاج والخدمات البترولية العاملة بالصحراء (1000 في 2017 و500 في 2018)، وتخصيص مبلغ 80 مليون دينار تونسي سنويا لصندوق التنمية والاستثمار بتطاوين وعدم التتبع العدلي لكل من شارك في الاحتجاجات[7].

فرضية تخصيص جزء من مداخيل الثروات الطبيعية للتنمية

طرح المحتجون أيضا في مطالبهم فكرة حصول المنطقة على 20% من مداخيل المحروقات تُخصّص لتنمية المنطقة تماشيا مع ما جاء في الفصل 136 من دستور 2014 الذي جاء فيه أنه “يمكن تخصيص نسبة من المداخيل المتأتية من استغلال الثروات الطبيعية للنهوض بالتنمية الجهوية على المستوى الوطني“. ووجدت هذه الفكرة صدى في خطاب لرئيس الحكومة خلال الحوار الوطني حول الطاقة في ماي 2019 [8]لكن بلورة هذه الفكرة وتطبيقها ليست بالسهولة المتوقعة ويتطلب هذا الأمر مزيد البحث في الاحتمالات الممكنة والواقعية لتوزيع مداخيل الثروات بصفة عادلة وشفافة.

حوكمة قطاع المحروقات

من بين مطالب المحتجين أيضا كشف الحقيقة حول حجم الثروات الطبيعية ومداخيلها، فرغم التحسن المهم في شفافية قطاع المحروقات فإن حالة عدم الثقة في المعطيات المنشورة حول حجم الثروات الطبيعية مازال متواصلا. فشفافية قطاع المحروقات في تونس تحسّنت خاصة بعد نشر معطيات مفتوحة، محينة ومفصلة حول الإنتاج. وكذلك بعد نشر عقود المحروقات في بوابة البيانات المفتوحة لوزارة الصناعة[9]. كما أن تونس تستعد حاليا للانضمام إلى مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية بعد إعلان رئيس الحكومة ذلك في شهر جوان 2019[10]. وتعد هذه الخطوات مهمّة لتعزيز شفافية وحوكمة هذا القطاع وساهمت في تحسين ترتيب تونس ضمن مؤشر حوكمة الموارد الطبيعية حيث تحصلت على المرتبة 26 عالميا والأولى عربيا[11] في مجال حوكمة قطاع المحروقات. لكن مايزال هذا القطاع يشكو عديد النقائص نظرا لعدم نشر معطيات مهمة كالمداخيل المتأتية من المحروقات بصفة مفصلة حسب الشركات والحقول وكذلك دراسات التأثيرات البيئية والاجتماعية وتقارير التدقيق في برامج المسؤولية المجتمعية للشركات. وهو ما يساهم في تواصل حالة عدم الثقة والتشكيك في حوكمة هذا القطاع وتواصل التساؤل حول حجم الثروات الطبيعية.

رغم أهمية اتفاق الكامور فإن حالة الاحتقان عادت مؤخرا إلى المنطقة. فقد ارتفع عدد التحركات الاجتماعية في الفترة الأخيرة بتسجيل 179 تحرك احتجاجي بولاية تطاوينin the first semester of 2019[12] وهو عدد مرتفع مقارنة بعدد السكان بها والذي لا يتجاوز 150 ألف ساكن. ومردّ هذا الاحتقان الاجتماعي عدم التزام الطرف الرسمي بالاتفاق المبرم مع معتصمي الكامور وهو ما يعني أن الحلول المقترحة لم تحقق أهدافها وأدت إلى تواصل حالة عدم ثقة المتساكنين في جدية الدولة في تنفيذ التزاماتها.

 

مشروع مشاورات

يسعى مشروع “مشاورات” إلى معالجة التحديات الاجتماعية والاقتصادية العاجلة في ولايتي قفصة وتطاوين، كما يعمل البرنامج على تحسين سبل حوكمة الموارد الطبيعية في المنطقتين. حيث سيفتح المشروع الباب أمام المواطنين ومنظمات المجتمع المدني والناشطين به إلى جانب ممثلين عن اتحاد الشغل ومؤسسات الدولة الجهوية للمشاركة في مجموعة من المشاورات بهدف تقييم السياسات الحالية ومناقشة البدائل المتاحة وذلك من خلال وضع سياسة تنموية شاملة.

About MEF

يسعى المنتدى الاقتصادي المغاربي الى الدفع بجيل جديد من المثقفين نحو المشاركة في الحياة العامة والمساهمة في وضع برامج تناسب المنطقة المغاربية الجديدة المنتدى الاقتصادي المغاربي هو مؤسسة بحث غير حكومية، تأسست سنة 2011 من أجل تعزيز الوحدة المغاربية وفتح الأفاق أمام خلق فرص اقتصادية واجتماعية جديدة في المنطقة فضلا عن رعاية ومساندة جيل جديد من القادة المسؤولين في ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا .

 

[1] 

[2]

[3]

[4]

[5]

[6]

[7]

[8]

[9]

[10]

[11]

[12]

Related Posts

Les Violences Basées Sur Le Genre : Aperçus De La Mauritanie

"La pandémie de COVID-19 a aggravé la situation des violences basées sur le genre en Mauritanie, où de nombreuses femmes et filles sont soumises, stéréotypées et ne connaissent pas leurs droits. Les données montrent une augmentation des cas de violence conjugale, passant de 11% avant la pandémie à 16% pendant. Il est crucial que le gouvernement mauritanien, la société civile, les communautés et les activistes travaillent ensemble pour mettre fin à ces pratiques."
Total
0
Share